أولا: نص الحديث النبوي الشريف
عن عائشة رصي الله عنها قالت: أنَ قُرَيشًا أَهَمَهَمْ شَأْنُ المرأة
المَخْزُومِيَةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالـــوا: و من يَجْتَرِئُ عليه إلا أُسَامَةُ، حِبُ رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فَكَلَمَهُ أسامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتَشْفَعُ في حَدٍ من حدود الله تعالى؟ ثم قام فَاخْتَطَبَ فقال: أيها
الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق
فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، و أَيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ
يدها".
(رواه البخاري و المسلم)
ثانيا: التعريف براوية الحديث
اسمها و نسبها:
*عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
مولدها و وفاتها:
*ولدت بعد البعثة بأربع سنين.
*توفيت سنة 57 هـ، و دفنت بالبقيع.
فضائلها:
*هي أم المؤمنين و زوج النبي صلى الله عليه وسلم و أحب الناس إليه.
*من أعلم النساء و أفقههن.
*من أكثر الصحابة رواية للحديث بعد أبي هريرة، حيث روي لها: 2210 حديثا.
ثالثا: شرح المفردات:
- أهمهم: أشغلهم، أقلقهم.
- المخزومية: امرأة من بني مخزوم،و هم من أشراف مكة.
- يجترئ: يُقدم و لا يخاف (من الجرأة).
- حِبُّ: محبوب.
- تشفع: من الشفاعة: و هي التوسط لإسقاط العقوبة.
- حد: عقوبة مقدرة شرعا.
- الشريف: صاحب المنزلة و الجاه.
- أيم: قسم بمعنى يمينا بالله.
رابعا: المعنى الإجمالي للحديث
تناول هذا الحديث الشريف ضرورة المساواة في تطبيق الأحكام بين كل الناس على
اختلاف أجناسهم و مراتبهم و أهمية ذلك في الحفاظ على تماسك المجتمعات, و بيان
أن التفضيل بين الناس في تطبيق الأحكام يؤدي الى انهيار و هلاك تلك
المجتمعات.
خامسا: الإيضاح و التحليل:
1-مفهوم المساواة (وفق الحديث)
أ-لغة: المماثلة و المعادلة.
ب-اصطلاحا: عدم التفريق بين الأقوياء و الضعفاء أو الأغنياء و الفقراء
في تطبيق أحكام الحدود.
ملاحظة:
العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه.
الفرق بين المساواة و العدل: المقصود تساوي الناس جميعا في حصولهم على
حقوقهم المشروعة بالعدل، و ليس مجرد توزيع الأشياء بين الناس بالتساوي دون
النظر إلى الحق، فلا نعطي للصغير كما نعطي للكبير مثلا ...
2-من آثار تطبيق المساواة في العقوبات الشرعية
- تحقق الاستقرار و الأمن في المجتمع.
- تمكن صاحب الحق من حقه.
- تكسب العدالة هيبتها فيلتزم الناس بالقانون.
- تقلل من الفوارق الاجتماعية.
- تقوي المحبة بين الناس مما يؤدي إلى تماسك المجتمع.
3-حكم الشفاعة في الحدود
معنى الشفاعة في الأحكام: هي التوسط لدى الحاكم لإسقاط حد من حدود
الله.
حكم الشفاعة في الحدود: حرام بنص الحديــث، و لقوله r:"من حالت شفاعته
دون حد من حدود الله فقد ضاد الله" (رواه أبو داود).
تنبيه: بإمكان المجني عليه في الحدود أن يعفو عن الجاني، لكن قبل رفع
أمره للقضاء. أما بعد رفعه فإن الحق الشخصي يتحول إلى حق عام (حق الله تعالى)
لا ينفع فيه عفو و لا شفاعة.
لقوله صلى الله عليه و سلم: (تَعافُوا الحُدُودَ فِيما بَينَكمْ ، فمَا
بَلغَنِى من حَدٍ فقدْ وجَبَ) (رواه أبو داود)
4-من آثار الشفاعة في الحدود.
- تفشي الجريمة في المجتمع.
- الإخلال بالنظام العام.
- ضياع حقوق الضعفاء.
- اسقاط العدالة و هيبة القانون.
- ظهور الطبقية في المجتمع.
- سبب في هلاك الأمم وانتشار الفساد.
سادسا: الأحكام و الفوائد المستخلصة
- تحريم الشفاعة في الحدود.
- تحريم السرقة و بيان عقوبتها (قطع اليد).
- وجوب العدل بين الناس.
- الشفاعة و المحاباة في الحدود عنوان هلاك المجتمعات.
- الدعوة لأخذ العبرة من الأمم السابقة.
- العدالة لا تعترف بالطبقات و الفوارق الاجتماعية.
