الوحدة 32:
رسائل الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى ملوك وأمراء عصره.
أوّلا-المناسبة والظروف:
لما رجع صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة سنة 6هـ، أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، وكتب إليهم كتبا، فقيل: يا رسول الله، إن الملوك لا يقرؤون كتابا إلا مختوما فاتخذ صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتما من فضة نقشت ثلاثة أسطر: محمد رسول الله وختم به الكتب. فخرج ستة نفر في يوم واحد، وذلك في المحرم سنة7هـ وكان كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم،يدعوهم فيها إلى الإسلام، فجاءت هذه الكتب وسيلة دعوية هامة، لإعلام الناس وإبلاغهم بدعوة الإسلام، وقد كان بعضهم يجهلها مثل كسرى، وبعضهم ينتظرها مثل قيصر.
ثانيا-الرسائل التي أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك وأمراء عصره:
نذكر منها:
أ-رسالته صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس:
حمل هذه الرسالة عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه.
ب-رسالته صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس عظيم مصر:
حمل الرسالة إليه سيدنا حاطب بن أبي بلتعة. وقد رد على النبي صلى الله عليه
وسلم ردا جميلا،وأرسل له من مصر الهدايا وعلى رأسها السيدة مارية القبطية التي
تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنجبت له إبراهيم عليه السلام، وأختها
سيرين التي أهداها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحسان بن ثابت.
ج-رسالته إلى النجاشي ملك الحبشة:
وقد حمل الرسالة الصحابي عمرو بن أمية الضمري.
د-رسالته إلى المنذر بن ساوي التميمي ملك البحرين:
وقد أوصل الرسالة العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه.
ثالثا-رسالة الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى هرقل:
1-موضوع الرسالة:
(بِسْمِ ا اللهِ الرحْمَنِ الرحِيمِ، مِنْ مُحَمدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ.
سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتبَعَ الْهُدَى:
أَما بَعْدُ؛
فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرتَيْنِ، فَإِنْ تَوَليْتَ فَإِن عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ. "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ
كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا
نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن
دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64)"
(آل عمران: 64) رواه البخاري ومسلم.
الأريسيين: أي أتباعه ورعاياه الذين يتابعونه وأصل الكلمة (الفلاحين).
ملاحظة:
ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلّم قد كتب إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي يدعوه إلى الإسلام. وذلك في
مدة هدنة الحديبية وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر.
2-أسلوب الرسالة:
-استخدام النبي صلى اله عليه وسلم لكلمة رسول الله بدلا من نبي الله من أن
يفهم هرقل أنه رسول يوحى إليه.
-الدعوة في رسالته كانت بدعاية الإسلام لأن النصرانية ليس لها مشكلة في قضية
إيمانها بالله ولكن مشكلتها في اختراع ابن لله.
-ختم الرسالة بالآية حتى يميز بين كلام الله وكلام البشر.
-أشارت الرسالة إلى الأريسين وهم بسطاء الروم ومزارعيهم فيكون القصد أن رئاسة
النّاس أمانة في عنق حاكمهم فإن أظلّهم فسيبوء بذنوبهم لأن النّاس على دين
ملوكهم.
-اتسمت الرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة ولم تكن لهجتها عنيفة.
3-أهداف الرسالة:
-تحقيق حملة إعلامية للإسلام وبيان عالميته.
-زيادة تمسك المسلمين بدينهم.
-تغيير كثير من القبائل موقفها من الإسلام.
-إدراك الرسول صلى الله عليه وسلم لسياسات الملوك وبناء رؤية على هذا
الأساس.
-أصبح للدولة الإسلامية مكانة وقوة وفرضت وجودها واعترافها على الساحة الدولية
آنذاك.
-كشف للرسول صلى الله عليه وسلم نوايا الملوك والأمراء وسياستهم نحوه وحكمهم
على دعوته.
-في مكاتبته لملوك عصره دليلا على عالمية الإسلام.
4-موقف هرقل من الرّسالة:
رد عليه هرقل: إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى من قيصر ملك الروم:
إنه جاءني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم، وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا ولو أطاعوني لكان خيرا لهم "ولوددت أني عندك فأخدمك وأغسل قدميك".
