الوحدة 19:
من توجيهات الرّسول صلى الله عليه وسلم في صلة الآباء بالأولاد:
العدل بين الأولاد في الهبات.
نص الحديث:
عن عامر، قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما و هو على المنبر يقول: "أعطاني أبي عطية"، فقالت عَمْرَةُ بنت رواحة: "لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أُشهدك يا رسول الله". قال: "أَعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟" قال: "لا". قال: "فاتقوا الله و اعدلوا بين أولادكم". قال: "فرجع فرد عطيته". (رواه البخاري)
أولا: التعريف بالصحابي راوي الحديث:
|
اسمه ونسبه |
-النّعمان بن بشير بن سعد.
-خزرجي، أنصاري.
-يكنى بـ:أبي عبد الله. |
|
مولده ووفاته |
-هو أول مولود للأنصار، ولد بعد أربعة أشهر من الهجرة.
-توفي بالشام 64هـ. |
|
فضائله |
-كان شاعرا وخطيبًا.
-كان واليا على الكوفة وحمص.
-روي له 114حديثا. |
ثانيا: شرح المفردات:
|
الكلمة |
معناها |
|
عطية |
هبة، هدية. |
|
لا أرضى |
لا أقبلُ. |
|
تشهد |
تُعلم و تحوز و تنال موافقة الرسول r. |
|
سائر |
بقية. |
|
فاتقوا الله |
من التقوى و هي مخافة الله، أي خافوا الله. |
|
و اعدلوا |
أقسطوا، ساووا، لا تجوروا، لا تظلموا. |
ثالثا: المعنى الإجمالي:
في الحديث دعوة إلى توثيق الصلة بين الآباء والأبناء وبيان أهم أسس ذلك من
خلال العدل بينهم في العطايا لما لذلك من أثر في سلوك الأولاد ونشوءهم نشوءا
سليما ومن أجل تماسك الأسرة واستمرارها وترابطها.
رابعا: الإيضاح والتحليل:
1-تعريف الهبة (العطية):
أ-لغة:
العطية والتبّرع والتَفَّضل.
ب-اصطلاحا:
تمليك مال أو حق مالي لآخر حال حياة المالك دون عوض.
2-حكمها:
مستحبة ومندوبة لقوله تعالى: "لَن تَنَالُواْ
الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ" (آل عمران: 92) .وقال أيضا: "وتَعَاوَنُواْ عَلَى
الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ" (المائدة: 2)
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا".
3-الحكمة من تشريعها:
-تأليف القلوب وتوثيق أسباب المحبة بين النّاس.
-تؤدي إلى التعاون وتماسك المجتمع.
-تحصيل الأجر والثواب ونيل رضا الله.
-تطهير النفوس من الرذائل.
4-من أحكام الهبة:
أ-وجوب العدل بين الأبناء:
للهبة أثر طيب على الأسرة والأبناء فقد أوجب الإسلام العدل بين
الأبناء في الهبات والهدايا كأصل تربوي حكيم وحذّر أشدّ الحذر من التفريق بينهم
وهو ما يفسر رفض الرسول صلى الله عليه وسلم الإشهاد على هبة البشير لابنه
النّعمان وأمره بتقوى الله والعدل بين أبناءه.
ب-حكم الرجوع في الهبة:
تلزم الهبة إذا قبضها الموهوب له بإذن الواهب، وليس للواهب الرجوع فيها لقوله
صلى الله عليه وسلم: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ
يَعُودُ فِي قَيْئِه" فلا يحل لأحد أن يرجع في هبته إلا إذا كان الواهب "أبا"
بشرط العدل بين أولاده.
ملاحظة: الفرق بين العدل والمساواة:
العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، أما المساواة تعني تقسيم الشيء على كل الأطراف
بالتساوي بغض النظر إلى الحق، بمعنى أنّ المساواة أحيانا قد يكون فيها ظلم فلو
أعطى الأستاذ علامات متساوية لتلاميذه بغض النظر عن مجهود كل تلميذ فهنا حقّق
المساواة، لكنّه كان ظالما للتلاميذ المجتهدين ولم يحقّق العدل.
5-من مخاطر التفريق (التفاضل) بين الأولاد:
* الشعور الأبناء بالظلم وعدم الاهتمام الذي يؤدي إلى العقوق وقطع صلة
الأرحام.
* زرع العداوة والبغضاء بين أفراد الأسـرة.
* حصول أزمات نفسية ومشاكل في حياة الأبناء.
* إضمار الشر في النفوس مما يؤدي إلى العقد والكَبْت والانحراف.
خامسا: الأحكام والفوائد:
أ-الأحكام الشرعية:
*
وجوب
العدل والمساواة بين الأود في العطايا والهبات.
* جواز
الرجوع في الهبة من الأب للولد.
* حرمة التفريق بين الأولاد.
ب-الفوائد:
*
دل الحديث على مشروعية الهبة للأبناء وغيرهم.
*
الرجوع إلى الحق وتحري الصواب من صفات المؤمنين.
* حرص الإسلام على حفظ الأسرة من التفكك والانهيار بسبب تفضيل البعض على الآخر.
