موقع تربية أونلاين موقع تربية أونلاين
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

مقالة فلسفية هل القيم الأخلاقية ثابتة مطلقة أم نسبية متغيرة للسنة الثالثة ثانوي شعبة آداب و فلسفة

 

 مقالة فلسفية هل القيم الأخلاقية ثابتة مطلقة أم نسبية متغيرة؟
من إعداد الأستاذ القدير صوالحي

 ـ1ـ طرح المشكلة :
إن الإنسان كائن إجتماعي أخلاقي بطبعه يسعى إلى إكتساب الأخلاق، و إحترامها في سلوكه نحو نفسه و نحو غيره ، والقيم الأخلاقية هي مجموعة المبادئ النظرية و القواعد العملية التي تضبط سلوك و أفعال الإنسان كما يجب أن يكون عليه، أو هي معيار قياس السلوك الإنساني إستحسانا أو إستهجانا ،تهدف إلى التقويم والنصح و الإرشاد والتعريف بالفضائل وكيفية إقتنائها لتزكو بها النفس ،والتعريف بالرذائل وكيفية إجتنابها لتتنزه عنها النفس،ووضع المثل العليا للسلوك الإنساني، وموضوع علم الأخلاق معقد وقد تناوله الفلاسفة منذ الأزل من خلال دراستهم لسلوكات الناس داخل العلاقات الإجتماعية ،وكيفية الحكم على هذه السلوكات من حيث الإستحسان و الإستقباح،مما أدى إلى إختلاف المذاهب الفلسفية وتعدد وجهات النظر حول أساس وطبيعة القيم الأخلاقية ،فإنقسمو إلى موقفين متعارضين : فريق أول يرى أن الأخلاق ثابتة مطلقة واحدة لدى جميع الناس ، وفريق ثان إعتبرها نسبية متغيرة من مجتمع إلى آخر، فما هو مصدر وأساس القيم الأخلاقية ؟ وهل هي من حيث طبيعتها مطلقة أم نسبية ؟وبصيغة أخرى ما هو الأساس المناسب الذي نقيم عليه الأخلاق ؟ هل هو أساس مطلق يتحدى المكان و الزمان وتقلبات الأيام أو هو أساس يسير مع تحولات الحياة الإجتماعية و العالمية ؟

ـ2ـ محاولة حل المشكلة :

ـأـ الأطروحة :
الأخلاق ثابتة مطلقة واحدة لدى جميع الناس
يذهب أنصار النظرية الدينية والعقلية أن الأخلاق ثابتة مطلقة واحدة لدى جميع الناس ،لكونها تقوم على مجموعة من المبادئ و الثوابت العامة التي تشتمل على مبادئ السلوك الكلية ،يسير عليها الناس في حياتهم اليومية ويتصرفون بمقتضاها،ه حيث تؤكد فرقة الأشاعرة بزعامة أبا الحسن الأشعري أن الدين هو أساس و مصدر القيم الاخلاقية ،فكل ما أمر به الله و أراده يجب القيام به ،وكل ما نهى عنه وجب إجتنابه ، فالتصور الإسلامي يتبنى مطلقية الأخلاق بإعتبار المشرع هو الله ورسوله ،والمصدر الأساسي لكل القيم هو القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، لقوله تعالى: ( ما أتاكم الرسول فخذوه ،وما نهاكم عنه فانتهوا)، حجتهم في ذلك أن القيم الأخلاقية القائمة على أساس ديني نابعة من إلزام إلاهي متعالي ، وهو الإعتقاد بوجود مبدأ أعلى مفارق للطبيعة ،وإعتقادنا هو الذي يدفعنا إلى أداء واجبات إتجاه الإله ،كما أنها تعتبر تشريع مطلق و مقدس فهي واحدة في جميع الأديان،فالسلوكات والأفعال الخيرة تدعو إليها جميع الكتب السماوية ففعل الغش و الكذب و السرقة منبوذة في جميع الأديان ،بينما الصدق والعدل و الأمانة أفعال مستحسنة في كل الشرائع بإختلاف الزمان و المكان والأفراد و الجماعات،فالأفعال لا تحمل صفاتها في ذاتها بل الشرع هو منشئ للقيم الإخلاقية عن طريق الأوامر و النواهي لأنه صادر عن إرادة الله الكاملة علما و حكمة ،والمنزه عن صفات النقصان، يقول أبا الحسن الأشعري :(إن الخير والشر بقضاء الله و قدره )،وهذا ما أكده الإمام إبن حزم الأندلسي بأن الأفعال لا تحمل حسنها و قبحها في ذاتها بل الحسن و القبح و الخير و الشر بحسب إرادة الله وما جاء به الشرع أمرا ونهيا ،يقول الإمام الجويني :(فالمعاني بالحسن ما ورد الشرع بالثناء على فاعله، و المراد بالقبح ما ورد الشرع بذم فاعله).
كما أن القيم الأخلاقية مطلقة نظرا لمطلقية العقل لكونه ملكة فطرية وهبنا الله إياها لإدراك الحقائق المطلقة و الحقائق الخالدة ،حيث يرى أنصار النظرية العقلية أن الأخلاق لا ترتبط بالزمان و المكان و المجتمع،بل هي مفاهيم ثابتة واحدة مطلقة لا تتغير، وأن العقل هو أساس و مصدر القيم الأخلاقية بإعتباره ملكة التمييز بين الخير و الشر، وبما أنه أعدل الأشياء توزعا بين الناس حسب ديكارت فالقيم الإنسانية واحدة مادام الناس يشتركون في العقل، فالعقل في نظرهم ليس ملكة معرفة فحسب بل ملكة حكم أيضا، وهذا ما يجعل من الضمير الخلقي عقلا خالصا، يقول كانط :( الضمير الخلقي ملكة عقلية خالصة و أحكامها مطلقة)، وهذه الفكرة نجدها مجسدة في الفلسفة المثالية عند اليونان ،حيث يعتبر سقراط وتلميذه أفلاطون أن الأخلاق هي الفضيلة ردا على السوفسطائيين اللذين ينكرون الفعل الخلقي، وأن الفضيلة هي اللذة حسبهم فهذا يؤدي إلى هدم الأخلاق و المجتمع ،يقول سقراط :( بالعقل ندرك الفضيلة و نميزها عن الرذيلة)، لذلك عمد أفلاطون إلى تحديد الفضيلة وبأنها موجودة في عالم المثل حيث الخير الأسمى و المعرفة، و أن النفس تدرك بذاتها ما في الفعل من خيرية من خلال تذكرها لمعنى عالم المثل الذي إحتفظت منه ببعض المبادئ، يقول أفلاطون :(إن الخير فوق الوجود شرفا و قوة)، وهذا يعني أن الوجود الحق هو القيم الأخلاقية ولا تكون إستقامة النفس إلا إذا أخضعت الرغبات وجميع الوظائف الأخرى للعقل كمدرك للعفة و الفضيلة، ويقسم الفضائل على أساس تقسيمه لقوى النفس: النفس العاقلة فضيلتها الحكمة والنفس الغضبية فضيلتها الشجاعة والنفس الشهوانية فضيلتها العفة، وهذه القوى المختلفة تجمعها قوة واحدة تعلو عليهم جميعا هي قوة العقل ، أما في الفلسفة المثالية الحديثة التي يمثلها الألماني إيمانويل كانط فالعقل هو أساس و مصدر القيم الأخلاقية ، فالذي دوره التمييز بين القيم الأخلاقية لابد أن يكون هو مؤسسها، يقول كانط :(كن جريئا في إعمال عقلك) ،بإعتبار العقل قادرا على التشريع وسن مختلف القوانين و القواعد التي تضع و تصنع القوالب الأخلاقية، حيث قسم أفعال الإنسان إلى نوعين :أفعال شرطية وأفعال قطعية ،الأولى تهدف إلى تحقيق غاية ،بينما الثانية تمثل الفعل الأخلاقي الذي هو غاية في حد ذاته، يقول كانط :(فالقيمة الخلقية للفعل لا توجد في النتيجة التي ننتظرها منه)،أي الحكم على الفعل الخلقي في ذاته لا بالنظر إلى نتائجه و أثاره، والإرادة الخيرة (النية الطيبة) هي الدعامة الأساسية و الشرط الضروري للفعل الأخلاقي يقول كانط :( إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص فكأنما هو قد هبط من السماء ذاتها )، و الشرط الذي يجب أن يتوفر في الإرادة الخيرة هو الواجب ، والذي يعني جعل الفعل الأخلاقي غاية في ذاته لا وسيلة من أجل تحقيق غاية ، فالأخلاق منزهة عن أية منفعة مادية ،يقول كانط :( قم بواجبك ولا تنتظر كلمة شكر)، ويقول أيضا :(إن الفعل الذي يتم بمقتضى الواجب إنما يستمد قيمته الخلقية لا من الهدف الذي يلزم تحقيقه بل من القاعدة التي تقرر تبعا لها )، ويتلخص مفعول القانون الأخلاقي الكانطي في ثلاثة قواعد أساسية :1 ـقاعدة التعميم :(إعمل كما لو كان عملك قانونا عاما)، فمثلا في الكذب منفعة ولكن لا يكون أبدا سلوكا أخلاقيا، ولا يمكن تعميم هذا المبدأ، ـ2ـ قاعدة الغائية :(إعمل و كأنك تعامل الإنسانية في نفسك و غيرك كغاية لا مجرد وسيلة )، ـ3ـ قاعدة التشريع :(إعمل بحيث تكون إرادتك الحرة المشرعة للقانون الأخلاقي في جمهورية العقلاء) ،ونفس الموقف نجده عند فرقة المعتزلة بزعامة واصل إبن عطاء بأن الحسن والقبح صفتان ذاتيتان في الأفعال ندركهما بالعقل ،يقول عبد الجبار المعتزلي:(إن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل)، حجتهم في ذلك أن ما نقل عن الشرع يجب أن يكون موافقا للعقل، فمعرفة الله بالعقل فرض على كل مؤمن، كما أنه لو لم يكن العقل مصدرا للقيم لسقط التكليف و الجزاء و الحرية،إضافة أنه قبل وجود الشرائع كان الناس يحتكمون إلى عقولهم ،ولولا العقل لما صدق الناس الأنبياء والرسل بإعتبار أن القيم الدينية تنسجم مع العقل لقوله تعالى: (فاعتبروا يا أولي الأبصار)، وقوله أيضا :(ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون)، كما أن التأمل و التدبر و التفكر في الكون يكون عن طريق العقل، فجميع الناس يمتلكون بالفطرة المبادئ العقلية وهي أحكام عالمية، فالمجنون لا يستطيع التمييز بين أفعال الخير والشر لذلك رفع عنه القلم وكذلك الصبي و النائم لإفتقادهما لهذه الملكة .

ـمناقشة :

لو سلمنا أن الدين و العقل هما أساس القيم الأخلاقية ،فبماذا نفسر تعدد القيم الأخلاقية وتغيرها من مجتمع إلى آخر باعتبار الإنسان كائن إجتماعي يتأثر بمبادئ الجماعة التي ينتمي إليها؟ كما أنه يمكن أن يكون الإنسان ليس له دين ولكن له أخلاق، كما يمكن للمتدين أن يكون غير أخلاقي، أما بالنسبة للعقليين فقد نظروا للإنسان ككائن عاقل و أهملوا طبيعته الشهوانية الغريزية من ميول و رغبات و منافع ، لهذا وصف الأساس العقلي بالموقف المثالي البعيد عن الواقع الطبيعي والإجتماعي، وخاصة الأخلاق الكانطية هي أخلاق ملائكة لا يمكن تحقيقها في الواقع ،يقول بيغي :(يدا كانط نقيتان ،لكنه لا يملك يدين).

ـب ـنقيض الأطروحة:
القيم الأخلاقية نسبية متغيرة
يذهب أنصار النظرية الإجتماعية و فلاسفة أخلاق المنفعة أن الأخلاق قيم نسبية ترتبط بالمكان و الزمان و المجتمع ،فهي ليست ثابتة مطلقة بل متطورة و متغيرة من مجتمع إلى آخر، فلو أن إنسانا ما تصرف تصرفا محمودا في مكان ما ،فإن هذا لا يعطي للفعل نفسه القيمة ذاتها في مكان آخر، فإذا كان بر الوالدين كقيمة أخلاقية لدى المسلم يتطلب رعاية الإبن لوالديه فلا يقل لهما أف ولا ينهرهما بل يتفانى في خدمتهما وخاصة في الكبر،فإن مثل هذا السلوك ليس له ما يبرره مثلا عند بعض سكان القطب الشمالي في تصرفهم مع أبائهم ،حيث يمنح الإبن والده إذا تقدمت به السن قربانا للدببة كي تفترسه معتقدا أنه بذلك يعجل وصوله إلى الجنة ،كما أن الهندي البوذي يعبد البقر ويؤلهها بينما نحن كمسلمين نذبحها ونأكل لحومها، وتناول الخمر عندنا حرام وعند غيرنا حلال، ومصارعة الثيران و الإستمتاع بقتلها متعة وإثارة عند المجتمع الإسباني بينما عند المسلمين حرام وتعذيب للحيوان،حجتهم في ذلك أن الإنسان لا يعيش لذاته ولا في عزلة عن غيره ،بل إن أفعاله و سلوكه صورة للآخرين ، حيث يؤكد الإجتماعيون أن أساس و مصدر القيم الأخلاقية هو المجتمع ،لأن الفرد يتبع عادات و تقاليد مجتمعه فيستحسن ما يستحسنه المجتمع و يستقبح ما يستقبحه المجتمع ،أي أن المجتمع هو الذي يحدد ما هو خير وما هو شر في شكل قواعد عامة لها طابع الإلزام و الإكراه ،يقول دوركايم :(ليس هناك سوى قوة أخلاقية واحدة تستطيع أن تضع القوانين للناس هي المجتمع) ،بإعتبار الفرد صورة مصغرة لمجتمعه يجد القيم الأخلاقية جاهزة في المجتمع وما عليه إلا إتباعها ،من خلال المبادئ الأخلاقية التي يتلقاها الإنسان عن طريق التربية والتوجيه بداية من الأسرة إلى المدرسة المسجد ثم المحيط عموما،فالإنسان يأخذ قيمه من المتجر الإجتماعي كما يأخذ ملابسه من المتجر التجاري،يقولدوركايم:( المجتمع كالهواء الذي نتنفسه و لكن لا نشعر بوزنه)، ويقول أيضا:( إذا تكلم ضمير الفرد فينا فإن ضمير الجماعة هو الذي يتكلم )، أي أن الضمير الفردي ما هو إلا إنعكاس للضمير الجمعي ، وأن الفرد دمية يحرك خيوطها المجتمع،يقولدوركايم:(الضمير الجمعي هو الذي يمنع الفرد من مجاوزة القواعد الخلقية ،والذي يراقب سلوكه عن طريق تسليط العقوبات على كل من يتصدى للخروج عن هذه القواعد)، ويقول أيضا :(تبدأ الأخلاق عندما يبدأ الإرتباط بجماعة ما )، أما عالم الإجتماع ليفي برول فيستبعد المفهوم المعياري للأخلاق معتبرا إياها ظاهرة إجتماعية تهتم بما هو كائن ،و ظاهرة متغيرة يمكن ملاحظتها، وهذا ما أكده العلامة إبن خلدون من قبل بأن الإنسان إبن بيئته ومرآة عصره، أما فلاسفة أخلاق المنفعة فإنهم يجمعون على أن الطبيعة البشرية بميولها ورغباتها هي الأساس الذي نقيم عليه القيم الأخلاقية حيث يرى أبيقور و أرستيب في العصر اليوناني أن قيم الخير و الشر قيما ذاتية نسبية متغيرة، وأن الفعل الخلقي يقاس بنتائجه أي بما يحقق من لذة ومنفعة ،يقول أرستيب :(إن اللذة هي الخير الأعظم وهي مقياس القيم جميعا، هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل ولا حياء وما القيود إلا من وضع العرف )،فالإنسان يطلب اللذة ويتجنب الألم بالفطرة شأنه في ذلك شأن سائر الحيوانات،فما يحقق له نفعا فهو خير وما يجلب له الضرر فهو شر، يقول ابيقور:(إن السعادة و اللذة هي غاية الإنسان ولا خير في الحياة إلا اللذة ولا شر إلا الألم و ليس للفضيلة قيمة ذاتية إنما قيمتها في اللذة التي تصحبها)، وهذا ما ذهب إليه الإنجليزي جيرمي بنتاممع مطلع العصر الحديث بأن االمنفعة هي اساس ومصدر القيم الأخلاقية،وهو أول من حاول دراسة الأخلاق دراسة علمية وذلك بوضعه قاعدة عامة تخضع اللذات للتقدير الكمي من جهة ذاتها وعواقبها(نتائجها)،فأما قياسها من جهة ذاتها فيكون الفعل خيرا كلما حقق لذة كبيرة،وكان تأثيرها قويا وطالت مدتها وشملت عددا كبيرا من الأفراد وكانت خالية من أسباب الألم، أما من حيث عواقبها فالفعل يكون خيرا عندما يحقق لذة لا يعقبها ألم، غير أن جون ستيوارت مل وإن إتفق مع مواطنه بنتام بأن الأخلاق أساسها نفعي فإنه يختلف معه بضرورة تسبيق المنفعة العامة قبل المنفعة الخاصة ،فسعادة الجماعة قبل سعادة الفرد الواحد حيث يقول:(أفضل أن أعيش تعيسا على أن اكون خنزيرا)،ونفس الموقف نجده لدى المدرسة السوفسطائية (جورجياس،هيبياس،بروتاغوراس) بأن قيم الخير والشر قيما ذاتية نسبية تختلف بإختلاف الأفراد ،أي لا توجد قيم خلقية خارجة عن إرادة الفرد فالإنسان مقياس كل شئ،أما في الفلسفة المعاصرة فنجد هذه الفكرة مجسدة في الفكر الوجودي الذي يعتبر القيمة الخلقية من إبداع الإنسان ولا يمكن تصورها خارج إرادته، يقول سارتر:(لا يوجد غيري فأنا الذي أقرر الخير وأصنع الشر).

ـ مناقشة:
لكن ربط القيم الأخلاقية باللذة والمنفعة يحط من قيمتها الروحية ويجعلها مادية، وينزل بها إلى مستوى الغرائز و الشهوات،فالإنسان لا يطلب اللذة أو المنفعة لذاتها بل لغاية تسمو عليها هي تحقيق الفعل الخلقي، إضافة أنه رغم ما للقيمة الخلقية من طابع إجتماعي إلا أن هناك من تجاوز قيم مجتمعه كما هو الحال عند الأنبياء والرسل و المصلحين الإجتماعيين اللذين أدركوا قيما أسمى من قيم مجتمعاتهم .

ـ ج ـ التركيب :
من خلال طرحنا للموقفين المتعارضين يتضح لنا أن أنصار الدين و العقل تطرقوا لدراسة الأخلاق من حيث هي مبادئ وغايات و أهداف ثابتة مطلقة ،بينما أنصار المجتمع والمنفعة تطرقوا لدراسة الأخلاق كتعاملات وسلوكات نطبقها في الواقع متغيرة من فرد إلى آخر، ومنه فإن القيم الأخلاقية ثابتة مطلقة من حيث مبادئها و أهدافها ونسبية متغيرة كتعاملات وسلوك تطبيقي مثال :الصدق والأمانة كمبادئ و أهداف قيمتان خلقيتان تعبران عن الفضيلة والمثل العليا،رغمإختلاف المجتمعات و الزمان والمكان، ولكن كسلوك تطبيقي تختلف من فرد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر لأن هناك من يصدق و يؤتمن وهناك من يكذب ويخون ، وأنا شخصيا أرى أن القيم الأخلاقية ثابتة مطلقة واحدة لدى جميع الناس ، لأنه مهما تعددت الأخلاق في أساسها و مصدرها فهي واحدة في طبيعتها من حيث الهدف و الغاية التي تحملها أي تهذيب السلوك وتقويمه والإرتقاء به، وأن القيمة الخلقية الحقة التي تراعي ثنائية الإنسان العقل والطبيعة البشرية، أي التوفيق بينهما وبين متطلبات الواقع بما فيها من نزوع نحو الخير ونحو الشر، يقول الله تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).

ـ 3 ـ حل المشكلة :
من كل مما سبق نستنتج أن الأخلاق خاصية جوهرية في الإنسان تندرج ضمن فلسفة القيم التي تختص بدراسة السلوك الإنساني بإعتباره كائن أخلاقي ، و هي ثابتة مطلقة من حيث مبادئها و اهدافها ونسبية متغيرة كتعاملات و سلوك تطبيقي، ومنه بإمكان كل نظام أخلاقي أن يكون كمبدأ من جهة أن قيمته مطلقة ، ويعبر من زاوية أخرى عن تصرفات من حيث الوسيلة، ذلك أنه يتغير حسب الظروف المهيأة له ، وتبق الأخلاق مبدأ ثابت مطلق نسعى دوما لتحقيقه، كما يقول الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .

عن الكاتب

المشرف العام

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع تربية أونلاين